20 أبريل 2008

مناضلوا الانترنت خلف القضبان

ايمان عبد المنعم كتبت:
"لم تعاني من الوقوف بطابور الخبز، أو عدم قدرة والديها على توفير حياة كريمة لها، ولن تتغير حياتها كثيرًا بزيادة الأجور التي خرج من أجلها عمال مصر يوم الإضراب العام في 6 إبريل الماضي". إسراء عبد الفتاح ابنة الـ27 عامًا مثلها مثل المئات الذين سمعوا عن دعوة الإضراب يوم 6 إبريل الماضي فلم تجد أمامها وسيلة للمشاركة سوى الإنترنت، حيث كانت من أوائل الذين دعوا للإضراب من خلال مجموعة "خليك بالبيت يوم 6 إبريل" التي أنشأتها على موقع "فيس بوك".وتقول إسراء عن الفكرة في تعريفها للمجموعة: "وصلتني رسائل على الموبايل تقول إن هناك إضرابًا في 6 إبريل للاعتراض على الغلاء والارتفاع الجنوني للأسعار، أعجبتني الفكرة وفكرت أن ندعمها وألا نكون سلبيين، ولكن أن يكون الإضراب سلمي".ولم تتوقع إسراء (خريجة كلية الألسن) أن تلقي دعوتها بالبقاء في المنزل كل هذه الاستجابة، حيث وصل عدد المشاركين في المجموعة لـ72 ألف مشترك. كما أنها لم تكن تدري أنها ستتحول لنجمة من نجوم المدونات والجرائد العربية والقومية، بل وأن يكون هناك من يرشحها لتكون رمزًا للإضراب المقرر يوم 4 مايو القادم، وهي التي لم تكن ناشطة على الإنترنت رغم عضويتها بحزب الغد (لمؤسسه أيمن نور المعتقل حاليًّا) منذ عامين، وتوليها مسئولية لجنة المعتقلين داخل الحزب.ففي صباح يوم الإضراب وصلت إسراء إلى القاهرة قادمة من مدينة بنها (شمال) كعادتها كل يوم متوجهة لعملها في إحدى الشركات بمنطقة مدينة نصر "شرق القاهرة".ودخلت إسراء أحد مقاهي الإنترنت القريبة من مقر عملها لمتابعة تطورات الإضراب، وبعد نصف ساعة فوجئت ومن معها بهجوم من قوات الأمن، واعتقالها."مرشحة رئاسة"لحظات ركوب إسراء -التي يطلقون عليها في الحزب "بسكوتة الغد" لرقتها- فيإسراء عبد الفتاح سيارة ترحيلات السجن الزرقاء الضخمة البغيضة، للتوجه إلي سجن النساء بالقناطر (شمال القاهرة) بعد أن حكم عليها بالحبس 15 يوما علي ذمة التحقيق، وعناقها بالبكاء لأمها، وغلق الباب عليها كانت صعبة على جميع من ودعها وهو يبتسم للتخفيف عنها، على أمل أن تروي لهم في الفيس بوك تجربتها القصيرة في السجن. وفي أيام قليلة تحولت إسراء من فتاة بسيطة إلى أحد ألمع النجوم في الوسط السياسي المعارض المصري إن لم تكن ألمعهم على الإطلاق، رغم أنها ربما لم تكن تخطط لهذا الأمر، ليس لأنها فقط وضعت حجر الأساس لحركة شعبية شبابية إلكترونية بدون انتماءات سياسية مألوفة كما يقول زملاؤها على الفيس بوك، وإنما لأن بعضهم تمادى في الإشادة بها -على فيس بوك- لدرجة إطلاق أوصاف ضخمة عليها منها "زعيمة جمهورية فيس بوك"، بل ودعاها البعض لترشيح نفسها في انتخابات الرئاسة المصرية المقبلة عام 2011 !!.وبالرغم من أن سجن إسراء قد صدم العديد من زملائها على فيس بوك وأقلق كثيرين، فهو على العكس دعاهم للدفاع عنها بشتى الطرق أبرزها عمل مجموعة إلكترونية للدفاع عنها.ويقول مؤسسو المجموعة الجديدة التي تحمل اسم "تضامنًا مع إسراء"، أنها "ليس لها علاقة بأحداث المحلة سوى أنها اشتركت في التوقيت"، وتساءلوا "ما هي تهمة إسراء؟ ولماذا هي محبوسة الآن في سجن القناطر على ذمة التحقيق؟ قد نتفق أو نختلف مع إسراء ومع المُضربين، ولكن الإضراب السلمي حق أصيل لأي شخص".وقالوا: "ماذا فعلت إسراء؟ دعت لإضراب سلمي شعاره "خليك في البيت" على الـ"فيس بوك".. لم تحتكر خط عبّارات (بواخر) تفتقر لقواعد السلامة وتقتل آلاف الأبرياء.. لم تستورد المبيدات المسرطنة أو أكياس الدم الملوثة.. لم تحتكر صناعة الحديد أو تستولي على أراضي الدولة بأبخس الأثمان.. لم تزوّر الانتخابات والاستفتاءات.. لم تدعُ للحرق أو السلب أو النهب أو التخريب.. وكل ما فعلته كان مجرد دعوة للجلوس في البيت ليوم واحد، والامتناع عن الشراء؛ احتجاجًا على ارتفاع الأسعار"!.وقررت النيابة احتجاز إسراء لمدة 15 يومًا قابلة للتجديد بسجن القناطر بعد أن وجهت لها 5 تهم هي التجمهر وإثارة الشغب وحيازة منشورات وإهانة رموز الدولة، والدعوة إلى إضراب.وتقول قيادات من حزب الغد في تصريحات لـ"إسلام أون لاين.نت": "إنه من غير المعقول أن تتحمل إسراء وحدها مسئولية أحداث الإضراب في مصر، فيوجد العديد من المجموعات على الإنترنت التي تمجد نظام الرئيس مبارك أو ضده".نجم آخرشادي العدل خريج كلية الاقتصاد والعلوم السياسية البالغ من العمر 24 عامًا وينتمي إلى الطبقة الثرية، "وجد نفسه" من خلال المدونات ونقل التحركات الشعبية بالشارع المصري، بحسب ما يقول أصدقاؤه لـ"إسلام أون لاين.نت".شادي الذي بدأ نشاطه السياسي أيضًا من خلال حزب الغد، يصفه أصدقاؤه بأنه "شاب مصري بيحب بلده، وخرج يوم الأحد 6 إبريل عشان يضرب من أجل حقوقه وحقوق الآخرين، لكن الأمن كالعادة ألقى القبض عليه وآخرين، ومحدش عارف فين شادي ولا هو متهم بإيه".وفي وسط القاهرة ألقت قوات الأمن القبض على شادي المدون والمحرر بجريدة الغد صباح يوم 6 إبريل، وقد سبقه إلى سيارة الترحيلات كل من أحمد الجيزاوي وأحمد بدوي ونادية مبروك ووليد صلاح وأحمد نصار وأحمد ميلاد الناشطين على الإنترنت جميعًا، وكانوا في طريقهم لتفقد أحوال القاهرة في هذا اليوم، وفق ما أكد محاميهم."عمال مصر"أما عن هموم العمال ومشاكلهم فكانت جزءًا من حياة المدون كريم البحيري فهو منهم،ويتقاسم معهم معاناته فهو من ضمن عمال شركة الغزل والنسيج بالمحلة الكبرى. والبحيري هو صاحب مدونة "عمال مصر" التي رصدت منذ أوائل 2007 مطالب العمال وتحركات العمال بالصوت والصورة حتى أصبحت تلك المدونة بمثابة وكالة أنباء عن التحركات العمالية على مستوى الجمهورية.وفي صباح يوم 6 إبريل حملت المدونة خبر إطلاق عمال وردية الصباح بالمحلة (شمال القاهرة) شرارة الإضراب، وفجأة تعرضت المدونة للقرصنة وتم تخربيها.وفي نهاية يوم الإضراب ألقي القبض على البحيري، حيث تعرض للتعذيب خلال فترة الاحتجاز قبل أن تصدر النيابة قرارها بحبسه 15 يومًا بتهمة التحريض على التجمهر والشوارع في أعمال تخربيه ضد الممتلكات العامة، وفق ما قال محاميه لـ"إسلام أون لاين.نت".وسبق في نفس اليوم الناشط السياسي محمد الشرقاوي عضو الحركة المصرية من أجل التغيير (كفاية) وزميله محمد الأشقر إلى سجن المرج شرق القاهرة بعدما حكم عليهما بـ15 يومًا.ويؤكد مركز هشام مبارك الحقوقي أن هناك أكثر من 30 ناشطًا على الإنترنت تم اعتقالهم خلال أحداث الإضراب التي شهدتها مصر يوم 6 إبريل. وقد أصبحت أسماؤهم وصورهم تملأ الفضاء الإلكتروني وتفاعل من أجلهم العشرات من الناشطين.الحركة الإلكترونيةمن جهته اعتبر الدكتور عصام صيام الباحث الاجتماعي لـ"إسلام أون لاين.نت" أن"مصر تشهد مرحلة من التفاعل الإيجابي من قبل الشباب لا تترجمه الحركات الشعبية فحسب، ولكن أيضًا الحركة الإلكترونية الواسعة، وهو ما يساهم بما لا يدع مجالا للشك في نمو الحركة الحقوقية". وأردف قائلا: "هذا ما وعى إليه النظام فبدأ في شن حملات واسعة ضد المدونين والناشطين على الإنترنت من خلال الاعتقالات الأخيرة".وتوقع صيام أن تشهد المرحلة المقبلة "حملة اعتقالات مكثفة، ووقف العديد من المواقع والمدونات الإلكترونية، وهو ما تجلى واضحًا خلال بيانات وتصريحات مسئولي الداخلية خلال اليومين الماضيين، لكن هذا سيشعل ثورة جديدة قد تسمى ثورة المناضلين الفضائيين"، بحد قوله.

ليست هناك تعليقات: