24 أبريل 2008

متضامنون مع إسراء

محمد حماد كتب:


حسني مبارك أول من يعرف أن إسراء عبد الفتاح ليست هي المسئولة عن غضب الناس على النظام بكل رموزه من الفاسدين والمفسدين، والرئيس لا شك يعلم أن إسراء ذات السبعة والعشرين ربيعاً ليست مسئولة عن ألف احتجاج شهدتهم مصر خلال الشهور القليلة الماضية، ألف احتجاج، ومطلب واحد: حياة كريمة، ولا حياة لمن ينادي الشعب عليه أن استيقظ: مصر الى الخراب والفوضى، وأنت لا تفعل شيئاً غير الإمعان في سياسات التجويع والترويع، ألف احتجاج من كل فئات الشعب تنادي على من يهمه الأمر أن الحياة لم تعد تطاق في ظل سياسات لجنة السياسات، ولكن لا مجيب وكأن الأمر يجري في بلد غير مصر.!!
لا إسراء ولا جورج اسحق ولا أي من المقبوض عليهم مسئول عن أن يفيض كيل الناس ويطفح بكل هذه الرفض الصاخب، لا إسراء ولا جورج اسحق مسئولين عن خيبة الحكومة الثقيلة، لا إسراء ولا ألف جورج اسحق يمكن أن يجعلوا شعباًَ بأسره يكره نظاماً يحقق لشعبه حياة كريمة، لا إسراء ولا حتى المحظورتين: الإخوان وكفاية، وعليهم قناة الجزيرة يمكن لهم أن يحرضوا شعباً على أن يطأ صور حكامه لو أنهم يحققون له الحد الأدنى من مقومات الحياة.!
لا تفتشوا عن شماعات تعلقون عليها فشلكم المتوالي، لا تذهبوا بعيداً في إلقاء التهم جزافاً بغير دليل في وجه كل شيء، وكل أحد غير خيبتكم، هي وحدها هي المسئولة عن انفجار الأوضاع، وما أحداث المحلة إلا جرس إنذار يحذر من فوضى عارمة توشك أن تنفجر، وتضع مصر في مهب ريح عاتية.
إسراء ليست مسئولة عن احتجاجات القضاة، ولا هي التي قادت احتجاجات أساتذة الجامعات، ولا هي التي افترشت الأرض أسابيع طويلة أمام مبنى رئاسة الوزراء في إضراب العاملين بالضرائب العقارية، ليست إسراء هي التي قادت مطالبات الصحفيين من أجل إلغاء الحبس في قضايا النشر، إسراء لم تفكر حتى في مساندة إضراب الأطباء الذين يطالبون بأجور عادلة وحياة كريمة، إسراء ربما لا تعرف مقر نقابة المهندسين ولا أظنها تعرف شيئا عن "مهندسون ضد الحراسة" المفروضة على نقابتهم، إسراء الفتاة الصغيرة وجورج اسحق الرجل الكبير ربما فوجئا مثلما فوجئ الكثيرون بأن غضب الشعب على حكامه جاء أقوى وأشد مما توقع المتفائلون بنجاح إضراب عام يشمل ربوع مصر كلها.
حبس إسراء لن يعطي للعمال حقوقهم التي يطالبون بها، وستبقى مطالبتهم بهذه الحقوق قائمة، سواء أغلق مكتب الجزيرة أو حتى أشعل فيه النار، واتهام يوسف فرنسيس بإشعال حريق الاحتجاجات لن يجلب لأساتذة الجامعات مطالبهم العادلة، وشنق جورج اسحق في ميدان عام لن يطفئ نار الغضب المتأجج في صدور الناس الغلابة الذين طفح به الكيل وفاض عن كل حد.!!
العيشة الطين التي يحياها الناس ليست مسئولية إسراء، ولا جورج اسحق مسئول عن تحويل مصر الى بلد أواني الطهي الفارغة كما وصفت حالنا مجلة ألمانية.!
الصادقون يشمون رائحة حريق في الهواء، فلا تخطئوا هذه المرة مجدداً، لأنكم استنفذتم مرات الرسوب، والمرة القادمة فادحة العواقب، فاحذروا أن تضعوا رؤوسكم في رمال الكذب المتنقل على صفحات جرائدكم، هذه المرة ليست ككل مرة، فالناس فقدت الأمل، احذروا من يأس الناس، اليأس قتَّال، اليأس لا عقل له، واليائس لا يوقفه خوف، ولا تخيفه عربات الأمن المركزي، والأمن ليس حلاً، بل قد يكون مفجراً لمزيد من الأزمات، الأمن ليس قوات احتلال، ورجال الأمن بعضٌ منا، هم مثلنا يمكن أن يأكلهم شيطان اليأس، وما أحداث الأمن المركزي ببعيدة عن الأذهان.!!
حتى تغيير الحكومة لم يعد حلاً، فالرئيس مبارك استهلك في عهده الكثير من رؤساء الوزارات، كلهم ذهبوا كبش فداء لنفس السياسة التي لا تتغير، تغيرت الوزارات، وبقيت السياسات، وبقي الرئيس، وبقيت الأزمات،

ليست هناك تعليقات: